الثنائي »عادل إمام« ويوسف معاطي قدما سويا سلسلة من الأفلام انتهت بـ »بوبوس« مع المخرج وائل إحسان، ويبدو أن هذا الثنائي بدأ في استنفاد كل رصيدهما في الإضحاك وإيجاد إطار فني جيد يعرضان من خلاله أفكارهما، خاصة مع إصرار »عادل إمام« علي تقديم وصفته التقليدية في كل أفلامه من نقد سياسي للمجتمع مخلوط بكمية لا بأس بها من الأحضان والقبلات، متناسياً أن علامات السن التي غزت وجهه أصبحت في حالة تنافر مع تلك الوسائل للحصول علي نكهة مميزة لأفلامه.
وفي عمله الأخير »بوبوس« الذي حظي بقدر كبير من الاعتراض من قبل النقاد والمشاهدين مع قدر لا بأس به من الهجوم علي كل من تسول له نفسه ويعتقد أن من حقه الاقتراب من الزعيم، الذي نصبه بعض الفنانين ملكاً لا يمكن الاقتراب من أفعاله وكأنه فنان منزه عن الأخطاء ولا يمكن محاسبته، ومن تسول له نفسه بالاقتراب بالاعتراض علي المستوي الفني للفيلم، فإن التهمة سابقة التجهيز أن الناقد مدفوع من قبل شخصيات بعينها تريد النيل من نجاح الزعيم.
ورغم أن فيلم »بوبوس« هو مجموعة من الأفكار والانفعالات من أفلام سابقة علي رأسها »بخيت وعديلة« إلا أن طريقة المخرج التي كان ينجح في تقديمها يوسف معاطي في أفلامه السابقة مع عادل إمام فقدت مقدرتها علي إقناع الناس أنك أمام فيلم متوسط القيمة ذي قدرة علي سرقة الضحكات منك، كما حدث في أفلامهما السابقة، التي كانت تغفر لها المستوي السيئ للسيناريو وعدم منطقية الأحداث.. ولكن في »بوبوس« أنت أمام تجربة منتهية الصلاحية.. وأفكار متلعثمة لا تعرف بدايتها من نهايتها، أضف إلي ذلك هذا القدر الهائل من عدم المنطقية، مع الترهل الشديد في الأحداث الذي لم يستطع المونتير أن يفعل معه شيئاً في المونتاج.. فأنت أمام رجل أعمال متعثر في تسديد ديونه للبنوك يدخلك في حكايات فرعية كثيرة في محاولة مستمرة للنصب علي البلد والبنوك تنتهي بسجنه 15 عاماً، ثم يخرج من السجن بعد 5 سنوات، وبالطبع في بداية استعراض حالة الفساد والتواطؤ بين رجل الأعمال والمسئول الكبير كانت الوسيلة ابنه بوبوس الذي يغرقه عادل إمام بالهدايا..
واستكمالا لخلطة الزعيم المستمرة في أفلامه نجد العلاقة بين يسرا المتعثرة هي أيضا التي تقع في حبه مع سلسلة متواصلة من الحفلات والخناقات والقبلات والمشاهد التي تجعلك تؤمن أنك شاهدت هذا الفيلم من قبل.. والسؤال الذي يطرح نفسه حالياً: هو لو كان عادل إمام مصراً علي تقديم أفلام ذات بعد سياسي فهذا من حقه، خاصة أن نجوميته تجعل المشاهد يتقبل تلك الأعمال بسهولة وينتبه لما بين السطور، كما حدث في سلسلة أفلامه مع وحيد حامد وشريف عرفة؟..
ولكن يجب أن تكون تلك الأعمال بعيدة عن الابتذال ومحاولة التعامل مع أن عادل إمام مازال شاباً يسمح له بكل هذا القدر من التجاوزات التي لا يقدر عليها من في مثل سنه، وإلا تحول الأمر أمام المشاهد إلي مجرد وسيلة لشد الجمهور إلي شباك التذاكر، وهذا الأسلوب قد ينجح سابقاً، أما الآن فهناك وسائل أخري أكثر تأثيراً.. وبالطبع أراد يوسف معاطي أن يعطي نماذج أخري للتعثر قدمت من خلال أشرف عبدالباقي ومي كساب وحالة التعثر في الحصول علي فرصة للزواج بعد 9 سنوات من الارتباط.. أنك في »بوبوس« قد تغفر للمخرج وبعض الفنانين تقديمهم لهذا العمل من منطلق أن لكل فنان كبوة.. ولكن لـ »عادل إمام« و»يسرا« فليس أمامك إلا أن تفكر ألف مرة قبل الذهاب إلي السينما في عمل جديد لهما لأنهما لا يعترفان بالأخطاء ويريان دائماً أن العيب في المشاهد.