هو
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] تماما عن فيلم "رجل المطر" والذي يروي قصة الشاب
الموهوب في العد والاحصاء والعمليات الرياضية والمعزول عن المجتمع والناس والمريض
بالتوحد.
وهو فيلم مختلف كذلك عن "فورست جامب" الذي يحقق الشهرة والمجد بالعدو والمثابرة
على الجري، أو "الرجل الفيل" وأفلام أخرى كثيرة تحدثت عن اشخاص غريبي الاطوار،
ويمتلك كل منهم موهبة خاصة في شئ معين تغير من نظرة المجتمع لهم، وتعلمنا دروسا في
الانسانية ومعنى الحياة.
ورغم أن الفيلم الأمريكى الجديد "الحالة الغريبة" - وهو الاسم التجاري الذي
استقر عليه للفيلم - للمخرج "ديفيد فينشر" أحد الأفلام التى يقوم ببطولتها شخص غريب
الشكل والهيئة يحاول أن يتكيف مع ظروفه، ولكن الحكاية تنطلق بعد ذلك إلى آفاق أوسع
لمناقشة قضايا إنسانية وفلسفية عامة.
بطل الفيلم طفل صغير لا ينمو أبداً رغم تقدمه فى السن، ولكنه يستخدم دقات طبلته
الصغيرة محتجاً على انهيار أسرته الصغيرة، وانهيار وطنه مع سيطرة هتلر والنازية على
السلطة.
و"نيامين بوتون" ليس شخصية لها أصل واقعى مثل شخصية الرجل الفيل، ولكنه شخصية
خيالية ابتكرها الأديب الأمريكى الكبير "سكوت فيتزجيرالد" فى قصة قصيرة تخيل فيها
أن إنساناً يعيش زمنه بالع* حيث يولد وشكله مثل رجل عجوز فى سن الثمانين، له
تجاعيد في الوجه وشعر أبيض وعظام لا تستطيع أن تحمله و كلها مظاهر تجعل والده يفزع
عندما يراه، ولذلك يقرر أن يضعه أمام أحد بيوت المسنين فى مدينة نيو أورليانز
بولاية لويزيانا حيث تتولى تربيته خادمة سوداء هى كوينى.
والفيلم يستعرض بعد ذلك حياته وحياة وطنه ويتساءل: كي يتعامل هذا الإنسان مع
لعبة الزمن معه؟ كيف يمكن أن يصغر فى الشكل كلما تقدم فى السن؟ هل يستطيع أن يعيش
فى حين يفقد أحباءه واحداً تلو الآخر؟ من خلال سيناريو رائع كتبه اريك روف - الذى
سبق أن كتب فورست جامب -.
وخلال الفيلم نعيش تفاصيل طويلة فى حياة هذا الرجل العجيب منذ عام 1918 وهو
تاريخ نهاية الحرب العالمية الأولى، سيعيش بنيامين حكاية حب طويلة ومؤثرة مع ديزي،
وسينجب منها طفلة اسمها كارولين، ولكنه سيعانى وضعاً غريباً حيث تتقدم زوجته فى
السن وفى الشكل فى حين تسير معه الأمور على نحو ع*ى عندما يرتد إلى الطفولة، سيهرب
فوراً من أسرته ولكن الأحداث ستمنح ديزى فرصة أخيرة لوداعه ولكن بعد أن يتحول إلى
طفل فى "اللَفة".
والفيلم ببنائه الملحمى وبحركة أبطاله على مساحة زمنية طويلة تنتهى عام 2005 وهو
تاريخ الإعصار كاترينا الذى يجرف كل شىء بمن فيهم ديزى العجوز، هذا البناء يتضمن
تفصيلات ورموزاً كثيرة مثل الساعة العملاقة التى تسير بالع* فى محطة قطار نيو
أورليانز، ومثل مشاهد المياه وهى تغرق الأشياء وكأنها تعبر عن معنى الزمن الذى
يتحكم فى حياتنا فلا نملك إلا أن نتحرك فى الاتجاه الذى يريده ما بين فتوة الشباب
ووهن الشيخوخة وثورة المراهقة وسكون الموت.
الفيلم يتميز أيضاً بإتقان كل عناصره الفنية خاصة أداء براد بيت فى دور بنيامين
بوتون شاباً وعجوزاً، وأداء الرائعة الاسترالية كيت بلانشيت فى دور ديزى شابة
وعجوزاً، والاثنان نجحا فى إقناع المتفرج بسطوة الزمن بمساعدة مؤثرات بصرية مدهشة
تغير ملامح الوجه إلى تجاعيد وبقع سوداء، وقد نجح الاثنان فى استخدام العيون وحركة
الجسد باقتدار وبراعة.
وفى حين يبدو بوتون عجوزاً أصلع وأشيب الشعر فإن عيونه وحركة ذراعيه توحيان
بالحيوية وبالتلقائية التى يتمتع بها الأطفال، من ناحية أخرى أقنعتنا كيت بأنها
راقصة باليه محترفة فى فترة مهمة من حياة ديزى.
وقد عبرت الإضاءة فى مشاهد كثيرة عن قسوة الزمن فى مقابل دفء الحب الذى يبدو أنه
الشىء الوحيد الذي يبقى فى حياة لا يوجد فيها شىء يدوم.