الكرز من أنواع الفاكهة الطيبة والفاخرة والموسمية التي يحبها الكثير من الناس.
وثمرة الكرز من الثمار الجميلة اللون والشكل الذي يشبه أحيانا شكل القلب.
وهو ـ كثمرة أو شجرة ـ من عائلة (Rosaceae) التي تضم الدراقن والخوخ والمشمش
واللوز، ومعظمها من أنواع الفاكهة والثمار التي تضم بذرة واحدة صلبة.
ويكثر عادة في شمال المعمورة، إذ إن هناك نوعين في الولايات المتحدة وثلاثة في
أوروبا، وبقية الأنواع في القارة الآسيوية. وتأتي كلمة الكرز (cherry) من الكلمة
الفرنسية (cerise) التي تتدرج من الكلمة اللاتينية (cerasum - Cerasus.).
ويطلق عليه الإسبان اسم "كريزي" (cereza)، وفي إيطاليا يسمونه «كراسا»،
(cerasa)، وجميعها متدرج من الكلاسيكية اليونانية (Cerasus).
المعلومات المتوفرة تشير إلى أن الكرز وصل إلى روما من شمال الأناضول، أو
بالتحديد ما يعرف تاريخيا بمنطقة «بونتوس»، (Pontus) التي كان يطلق عليها أهل
اليونان اسم «Kerasus» الذي اتخذته اللغات الأخرى لاحقا.
ويدل الاسم على المنطقة، ويعني «شبه الجزيرة». وقد تأصل الكرز الحامض (Sour
cherries) الذي يستخدم عادة للطبخ، من الكرز الحلو (Sweet cherries)، ويستحيل تطعيم
النوعين اللذين يتدرجان من أوروبا وغرب آسيا.
وتنتشر بساتين الكرز من شبه الجزيرة الأيبيرية في غرب أوروبا إلى تركيا، وبعض
مناطق دول البلطيق، وجنوب الدول الإسكندنافية، وفي الولايات المتحدة، التي تنتج
أفضل الكرز في العالم.
ويكثر الكرز في ولايات كاليفورنيا وواشنطن و أريغون وميتشيغن وأوتاوا ونيويورك.
وتملك كندا أيضا الكثير من الأنواع، وخصوصا منطقتي أونتاريو وبريتش كولومبيا، لكن
أهم المناطق في العالم التي تزرع الكرز هي ولاية ميتشيغن، التي يطلق عليها اسم
عاصمة الكرز في العالم، إذ تقيم مهرجانا دوليا خاصا به كل عام، وتطبخ عادة أكبر
كعكة كرز في العالم.
وتعيش أستراليا نفس الوضع مع الكرز، إذ تعرف بلدة يونغ (Young) في نيو ساوث ويلز
(New South Wales)، بأنها عاصمة الكرز في البلاد.
وتعرف المنطقة بأنواع كثيرة من الكرز، مثل نوث ستار، وموريلو، وإيرلي ريتشموند،
وتيتانس.
وتعرف مدينة زحلة أيضا في البقاع في لبنان بعاصمة الكرز، إذ تنتج أجمل وأفضل
وأفخر أنواعه في منطقة الشرق الأوسط، ومنها الأحمر الداكن والخمري والزهري والمكحل
اللذيذ الطعم.
وفي المغرب، حيث ينعم الكرز بأحوال جوية وطبيعية ممتازة، يعرف الكرز منذ قديم
الزمان، ولا يزال المغاربة حتى الآن يقيمون للكرز ـ على غرار الأميركان
والأستراليين ـ موسم «حب الملوك»، (الكرز)، ويخصص الموسم أو المهرجان عادة لاختيار
ملكة جمال الكرز في مدينة صفرو، كما تقول الموسوعة الحرة .
وعادة ما تنضج ثمار الكرز في فصل الصيف، وقبل أيٍّ من أشجار الفاكهة الأخرى،
خصوصا في شمال أميركا. وفيما تنضج الثمار في أستراليا في أواخر السنة، تنضج في جنوب
أوروبا وأميركا بشكل عام في يونيو (حزيران)، وفي بريطانيا في يوليو (تموز).
وبعض الدول لا تستغل ثماره فحسب، بل تولي أزهاره عناية واهتماما فائقين، كما هو
الحال في اليابان، حيث يستخدم كشعار وطني، وتخصص المهرجانات والعروض له في الكثير
من المناطق.
وكثيرا ما يزرع اليابانيون أنواعاً خاصة لتحصيل الأزهار فقط، ويعرف من هذه
الأنواع، «كانزان»، (KANZAN).
ويستغل الكرز حول العالم لإنتاج الحلوى والعصير والأدوية والصباغ، كما تستغل بعض
المجتمعات أشجاره للزينة والديكور، كما يعتبر خشبه من الأخشاب الصلبة والجميلة
والغالية الثمن التي تستغل عادة في صناعة الأدوات الموسيقية والخزائن والطاولات
والغلايين والأزرار والعكاكيز، وغيرها من أنواع المفروشات.
كما يستخدم البعض ماءه أو صمغه ـ الذي يتمتع برائحة جميلة جدا ـ كملبن أو «علكة»
للمضغ. والكرز المعروف بالمحلب ( Wild Cherry) من أنواع الكرز الحلو (Sweet
cherries)، الذي يعود موطنه إلى أوروبا وغرب شمال أفريقيا وغرب القارة
الآسيوية.
وينتشر هذا النوع الطيب من تونس والمغرب إلى بريطانيا شمالا، ثم النرويج وجنوب
السويد وبولندا وأوكرانيا وبلاد القوقاز وشمال إيران وغرب الهمالايا.
كان يطلق على المحلب بالإنكليزية اسم «مازارد» (Mazzard)، إلا أن الاسم يعني
باللاتينية «كرز العصفور» (Bird cherry)، اقتباسا عن الألمانية (Vogel-Kirsche)
والدانماركية (Fugle-Kirseb?r).
ويسيطر نوعا المحلب والحلو في العالم دون غيرهما من الأنواع على الأسواق
العالمية، لطعمهما الحلو والشهي.
وقد عثر علماء الآثار على بذور وحبات الكرز في الكثير من المواقع الاستيطانية
القديمة في أنحاء أوروبا وبريطانيا، ويعود تاريخها إلى العصر البرونزي، مما يدل على
أن الكرز كان منذ القِدَم جزءًا لا يتجزأ من الأمن الغذائي لبعض المجتمعات.
كما عثر علماء الآثار على بقايا للكرز قديمة جدًّا على شواطىء بحيرة برادا في
إيطاليا (800 قبل الميلاد).
وفيما يقول المؤرخ الروماني لاكولوس بأن الكرز لم يصل إلى إيطاليا قبل عام 74
قبل الميلاد، تشير الحفريات إلى وجود الحلو من الكرز في شمال إيطاليا، وعلى حدود
سويسرا بين عامي 1100 و1500 قبل الميلاد. ويقال إن إنتاج الكرز انتقل من تركيا الى
اليونان منذ القدم أيضا، كالكثير من أنواع الفاكهة الآسيوية الأصل.
ويرتبط الكرز الحامض (Sour cherry)، بالكرز الحلو وأحيانا يحمل اسمه المعروف بـ
«Sweet cherry»...
وهو نوعان:
الأول: يطلق عليه اسم
«موريلو»، (morello وهو أحمر داكن اللون).
والثاني: «أماريلي»، (amarelle وهو أحمر خفيف اللون ). وتقول الموسوعات المتوفرة إن هذا
النوع من أنواع الكرز جاء من البلاد المحيطة ببحري قزوين والأسود، ولذا عرفه أهل
اليونان حوالي عام 300 قبل الميلاد. وقد أدخله الرومان إلى الجزيرة البريطانية قبل
القرن الأول للميلاد.
ويعتبر الحامض من الكرز من أكثر أنواع الكرز شعبية في بلاد فارس وإيران الحديثة.
وانتعش هذا النوع وانتشر في القرن السادس عشر في بريطانيا أيام هنري الثامن، وعرفت
منه أنواع كثيرة آنذاك.
وقد عمل المستعمرون الجدد في أميركا، وخصوصا في ماساتشوسيتس (Massachusetts)
على زرع أول شجرة منه في أميركا الشمالية من نوع «كينتيش رد»، (Kentish Red).
ومن الأنواع المعروفة لدى البعض، وخصوصا بعض الخبراء والمهتمين: أنواع الكرز
البرقوقي أو «الكرز الخوخي»، (Cherry plum- Prunus cerasifera) الذي يصل طول شجره
إلى ما بين 5 و12 مترا، والعنبي (Bird cherry -Prunus padus)، والشوكي
(Blackthorn or Sloe -Prunus spinosa).
وحول الشوكي يقول أحد العلماء في موقع الملتقى الزراعي، إنه كالمحلب .. شجرة
قديمة، وأكثر أماكن انتشاره هي منطقة الشرق الأوسط. وتلعب أشجاره دورًا ـ كما يبدو
ـ في محاربة التصحر وحماية الثروة الحيوانية وتنوعها.
ويقول الموقع إن جذور شجيرة الكرز الشوكي عمودية، وتستخدم كَسُورٍ طبيعي
للبساتين والحقول، وعلى جوانب الطرقات.
وتتكاثر هذه الشجرة عادة طبيعيا وعبر الطيور والحيوانات. وحول المحلب يقال إن
موطنه سوريا ولبنان وفلسطين والأردن والعراق، أو ما يعرف بالهلال الخصيب قديمًا.
كما ينتشر المحلب في شمال أفريقيا ووسط أوروبا وأرمينيا وإيران وبا*تان وجزيرة
قبرص وجزيرة كريت، بالإضافة إلى تركيا بالطبع.
ويُوجد شجر المحلب في سفوح التلال والجبال، وحتى على ارتفاع 2200 قدم عن سطح
البحر.
وتفضل الشجرة التربة الكلسية، رغم أنها تنمو في أنواع أخرى مغايرة، وفي أحوال
جوية مختلفة. وتعرف أزهار المحلب بأنها من الروائح الطيبة والزكية المحببة، ولذا..
تستخدم في أدوات التجميل.
ومن المعروف أن الكرز في معظمه غني بمادة أنثوسيانين anthocyanin، التي تُعرف
بـ (الصبغيات الحمراء)، التي أشارت الدراسات الطبية الأخيرة في سنتياغو في
كاليفورنيا هذا العام إلى أنها تخفف الألم، وتمنع الالتهابات، وتقلل نسبة
الكوليسترول في الدم؛ مما يعني أنها تكافح مرض السكري وأمراض القلب.
ورغم وجود هذه المادة أيضا في العنب الأحمر والشاي والفريز والتوت وغيره من
النباتات، فإن أفضلها وأقواها موجود في الكرز.
ولأن هذه الفاكهة غنية بالأملاح المعدنية؛ فهي من الأنواع التي تساعد الجسم على
التخلص من أملاح الصوديوم التي تضر الأوردة المتصلبة.
ويقول أحد المهتمين بالكرز على إحدى مواقع الإنترنت إن الكرز «ذو خاصية قلوية،
مما ينصح بعدم تناوله قبل الطعام، لأنه يوقف الأحماض؛ فيسبب عسرًا في الهضم. هذا ..
ويفيد الكرز مرضى الروماتيزم، إذ يساعدهم على مقاومة الالتهابات، إذا ما تناولوه
بكميات كبيرة».
كما يحمي الكرز من ضغط الدم المرتفع، ويساعد على تهدئة الأعصاب، وتخليص الدم من
السموم. وعوضًا عن أنه يحمر البشرة ويجمِّلها، فهو ممتاز لعلاج الإسهال، وتنشيط
التنفس، والتخفيف عادة من أوجاع العظام، وخصوصا أوجاع الظهر والمفاصل، وغيرها.
وتشير بعض المواقع المتخصصة في الأغذية إلى أن للكرز فوائد في معالجة أمراض الفم
والحنجرة، وعلاج الحروق، والحصبة، والإرهاق.
أشجار الكرز للإيجار: من غرائب الأمور وبساطتها.. أن بعض المزارعين في بريطانيا،
وخصوصا في منطقتي (إيست ساسي*، وكِنْت)، قرروا عرض شجرات الكرز التي يملكونها في
بساتينهم للإيجار، حيث يمكن لمحب الكرز، أو الزبون، اختيار شجرته الخاصة من
البستان، وقطفها حين تكون جاهزة.