مرة وحيدة كنا بنلاعب الاتحاد السكندري في الإسكندرية، وكده كده النادي الأهلي كان
طالع رابع أو خامس في الدوري، وكان الاتحاد السكندري هاينزل درجة تانية ومحتاج
نقطة، واسكندرية كلها جتلنا الفندق واحنا كنا الرابع أو الخامس يعني مش سهل إنك
تكسب.. ففي مثل بيقولك اللي يجي بالغصب خليه بالرضي... فقلنا ماشي والمباراة انتهت
بدون أهداف."
كانت هذه المقدمة هي ما قاله الكابتن احمد شوبير حارس مرمي
النادي الأهلي السابق في برنامجه اليومي علي قناة "الحياة" والذي جعل الكثيرين وأنا
منهم يتساءلون: هل بالفعل "فوت" النادي الأهلي المباراة للاتحاد لكي يبقي بالدوري؟.
مقولة الكابتن شوبير جعلت ذاكرتي تعود ثمانية عشر عاماً إلى الخلف لأتذكر
هذا الموسم الذي كان يعاني فيه النادي الأهلي في بدايته من مستوى سيء في الأداء حتى
وصل ترتيبه إلى المركز الحادي عشر في بعض الأسابيع جراء الهزائم المتتالية التي
نالها في البداية علي يد الاسماعيلي والقناة وغيرهم حتى وصلت عدد هزائم الفريق في
هذا الموسم إلى 6 بالإضافة إلى 10 تعادلات بالتمام والكمال.
الأهلي أنهى
هذا الموسم وهو في المركز الرابع برصيد 30 نقطة خلف غزل المحلة صاحب المركز الثالث
برصيد 33 نقطة والاسماعيلي صاحب المركز الثاني برصيد 37 نقطة والزمالك الذي فاز
بالبطولة حينها برصيد 40 نقطة.
يقول الكابتن شوبير إن النادي الأهلي تساهل
مع الاتحاد وترك له نقطة التعادل في المباراة بداعي أن الجماهير الاسكندرانية طلبت
ذلك من لاعبي الفريق الأحمر بفندقهم والذين وافقوا على ذلك حسبما قال الكابتن شوبير
والذي لا أشكك في أقواله ولكني اسأله: إذا كان الأهلي وقتها كان قادراً على التنازل
عن نتيجة الفوز في هذه المباراة، فلماذا لم يفز بلقاء الدور الأول الذي أقيم بين
الفريقين في القاهرة وانتهي بالتعادل السلبي ايضا؟
وهذا السؤال يأخذني إلى
سؤال آخر: هل بالفعل "تفويت" المباريات يكون عبر تحديد الفائز بها أم الخاسر؟ أي
عندما يقوم فريق بالتلاعب بنتيجة المباراة وإهداء نقاطها إلى فريق آخر؟ ما هي
الطريقة الأسهل لفعل ذلك.. عدم الفوز باللقاء أم خسارته؟
والسؤال الأهم من
ذلك: إذا كان فعلا لاعبو النادي الأهلي ومن بينهم الكابتن شوبير قد وافقوا على "
تفويت المباراة"، فلماذا لم يقم الكابتن شوبير نفسه بترك الكابتن طارق العشري
المدير الفني الحالي لنادي حرس الحدود ولاعب الاتحاد السكندري وقتها ليحرز هدفاً من
خلال الفرصة التي اتيحت له في نهاية اللقاء مما تسبب في إصابة عين الكابتن شوبير
حسبما أكد الاخير في بقية تصريحاته في الحلقة نفسها ؟
سؤال آخر اتوجه به
إلى الكابتن شوبير ولكن قبل أن أسأله علي أن أنعش ذاكرة القراء الكرام وأثري ذاكرة
البعض الآخر ببعض المعلومات الهامة عن الموسم الذي نتحدث عنه، في هذا الموسم كانت
لائحة الدوري تنص على هبوط الأندية أصحاب المراكز الأربع الاخيرة في الدوري الذي
كان يتكون من 14 نادياً، وكانت ثلاثة أندية قد ضمنت الهبوط رسمياً هي دمنهور
والترسانة والمنصورة أصحاب المراكز الـ12 والـ13 والـ14 علي الترتيب، وتبقي فقط
تحديد الفريق صاحب المركز الـ11 والذي سيكمل مربع الهبوط، وكان ناديا المقاولون
العرب والسكة الحديد يحاولان الهروب من هذا المركز.
وأوقعت قرعة الدوري
حينها الفريقين في مواجهة الأهلي والزمالك في الأسبوع الأخير بالدوري، فوجد الأهلي
نفسه في مواجهة المقاولون، ووجد الزمالك نفسه في مواجهة السكة الحديد علماً بأن
المقاولون كان يملك 22 نقطة قبل الأسبوع الأخير، فيما كان السكة الحديد يملك 21
نقطة.
انتهى لقاء الأهلي والمقاولون بفوز الأول بهدف لمهاجمه الشهير محمد
رمضان، فيما انتهى لقاء الزمالك والسكة الحديد بالتعادل السلبي ليتساوى الفريقان في
عدد النقاط ويقام بينهما لقاءين فاصلين لتحديد الفريق الهابط، وانتهى اللقاءان
بالتعادل السلبي ليحتكم الفريقان إلى ركلات الجزاء الترجيحية والتي أبقت علي السكة
الحديد بالدوري وأودت بالمقاولون إلى دوري الدرجة الثانية.
السؤال الآن،
طالما أن الأهلي كان "كريماً" في توزيع النقاط على فرق الدوري في هذا الوقت، فلماذا
لم يعط المقاولون نقطة أيضا كان بإمكانها أن تبقيه في الدوري مثل الاتحاد؟ ألم يكن
من الأجدر أن يتنازل الأهلي عن النقطة في الأسبوع الأخير للدوري بما أنه تنازل عنها
من قبل في وسط الدور الثاني؟
لقد وضع الكابتن شوبير جيل (91-92 ) في النادي
الأهلي بالكامل في موضع لا يحسد عليه وأصبح لزاماً على أبناء هذا الجيل أن يقوموا
بشهادة أمام الله أولاً ثم أمام جماهيرهم بأن يعترفوا: هل تم "تفويت" لقاء الاتحاد
أم لا؟
نقطة أخيرة
استحوذت مباراة الاسماعيلي والزمالك
الأخيرة علي كامل تفكير المهتمين بكرة القدم في مصر ودخل الجميع في مشادات ومناقشات
ومجادلات حول ما إذا كان نادي الزمالك قد قام بتفويت المباراة للاسماعيلي بتعمده
خسارتها بعد تلقيه 3 أهداف دفعة واحدة في الشوط الأول، ولكني لست بصدد تحديد ماذا
كان الزمالك قد قام بتفويت اللقاء او لا لاني لا استطيع ان ارمي أحدا جزافا وانا لا
املك دليلا علي ذلك، كما أنني آري مسؤولية هذا الأمر تقع أولا علي عاتق لاعبي
الزمالك وبالأخص الكبار سنا أمام ضمائرهم ثم علي عاتق اتحاد الكرة المصري بصفته
الرقيب علي اللعبة.
ولكن ما جعلني اندهش هو تعمد الكثيرين سواء من الجماهير
أو من الكتاب الرياضيين في تبرير الأمر " اذا ثبتت صحته من الاساس" بتذكير الجميع
بواقعة اللاعب كريم شمسية - لاعب النادي الأهلي لكرة السلة - عندما صرح العام
الماضي بأن الفريق الأهلاوي سعيد بخسارته أمام الجزيرة لأن ذلك سيؤدي إلى فقدان
نادي الزمالك لبطولة الدوري.
واسألهم جميعا الآن، إلى متي سنظل نبرر الخطأ
بخطأ مثله؟ إلى متي سنظل ننظر إلى الجزء الفارغ من الكوب؟ تصريح كريم شمسية كان قمة
في الحماقة وأمر لا ينبغي لاحد ان يستشهد به او يعرضه من الجانب السلبي لان النادي
الأهلي طبق بالفعل مبادئه التي نعرفها عنه ولم يترك الآمر يمر مرور الكرام وقام
بمعاقبة اللاعب فورا بإيقافه 3 اشهر عن اللعب وهو نفس الامر الذي ينطبق علي واقعة
التزوير في قضية المهاجم شريف اشرف الشهيرة والتي انهاها النادي الأحمر بنفسه عندما
ترك اللاعب ينتقل بكامل حريته الي نادي الزمالك و*ل مسؤوليه الإداريين في ذلك
الوقت للتحقيق، فمعاجلة الخطأ تمحيه تماما كما يمحي الاعتذار الإساءة.
إلى
متي سنبقي نرسخ تلك المبادئ البالية من نوعية "غيظني واغيظك" و" سيب وانا سيب" بين
الجماهير التي تنتظر أي شيء لتنفجر، ثم نأتي بعد ذلك بكل بساطة ونقول معا لنقف ضد
ملف " التعصب الجماهيري"؟
ودعوني اختتم هذه المقالة بسؤال كل من يعالج أي
خطأ في أي مجال وليس الرياضة فقط بالتذكير بخطأ مماثل: ماذا ستفعل إذا ما جاء إليك
ابنك وقال لك إن زميلاً له قام بسرقته .. هل ستنصح ابنك بسرقة زميله ورد الصاع حتى
يشفي غليله؟ ام سترشده الى حل أكثر عقلانية ؟