زمان وأيام زمان ..كانت لغة العشاق أرقى وأجمل ..معاني جميلة وكلمات بسيطة سهلة
ومحترمة حملتها أغاني العشق والعشاق .. عبرت عن بيئة وتراث مصري أصيل يحترم العلاقة
العاطفية ويقدرها ويفرض عليها سياجاً من البروتوكول المجتمعي، فكانت الكلمات عذبة
شفافة تخرج من القلب إلى القلب ..
ولكن دوام الحال من المحال، فقد عرف الابتذال والتحريف طريقه إلى كلمات كيوبيد
الرومانسية فلوثها وانتهك حرمتها حتى أصبحت كلمات خالية من أي مشاعر لا ترضي غرور
العشاق وفقد رسول الغرام قدسيته ورونقه .
راحت أغاني العندليب وانتهي زمن "أهواك " و"بتلوموني ليه " وتسللت الشتائم
وألفاظ السباب إلى الأغاني التي تحمل طابعاً كوميديا بحجة أن هذه الكلمات متداولة
في الشارع و تحديداً بين الشباب، وسرعان ما بدأت هذه الألفاظ تتسلّل إلى الأغاني
الرومانسية، وبعدما كان عبد الحليم حافظ يصف عيون حبيبته بأنهم "حلوين قد إيه" تحول
وصف الحبيبة على أيدي الجيل الجديد من المطربين إلى "أنها واحدة كل كلامها هم" بحسب
تعبير تامر حسني في إحدى أغانيه أو أغنية "وحياة أمي مانا سايبك " أو "وقفتي علي
ايديك " والذي كان سباقاً في الاستعانة بقاموس الشتائم في الأغاني الرومانسية.
وبعيداً عن بعض أغنيات تامر حسني الأخيرة التي حملت في كلماتها بعض الجمل
الايحائية التي أثارت جدلاً شديداً، هناك أغنيات دوللي شاهين ومروي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الذي يصف حبيبته التي يتحدث معها بصيغة المذكر بأنها
"كلامنجي" في الأغنية التي تحمل الاسم نفسه ويقصد أنها كثيراً ما تتحدث لكنها لا
تنفذ ما تقول، و من جهته يهاجم الفنان اللبناني جاد شويري حبيبته في أغنية سابقة
قائلا لها "لمي نفسك... ده أنا ما اشتقتش يوم غير ليكي".
وأخيراً الأغنية التي تذيعها الفضائيات حالياً والتي تعتبر 'صادمة' نظراً لما
تضمنته من كلمات غير عربية ورقصات وملابس عارضات لم يسبق استخدامها في الأغنيات
العربية المصورة وحملت الأغنية عنوان 'يا بنت يا مهيبرة'، وتعني الفتاة التي تتصرف
بشكل يتجاوز الحد للفت الأنظار إليها، وتعتمد في معظمها على كلمات أجنبية يتم
استخدامها بشكل واسع في المفردات اليومية للشباب المصري.
وكتب كلمات الأغنية عبد المنعم طه ولحنها وئام اسماعيل وتولى إخراجها كامبا،
ويؤديها مغنٍ جديد اسمه حمدي العربي، الذي قال إنها أغنيته الثانية بعد أغنية سابقة
بعنوان 'أصلك بان' كما يغني عبد الله الكاتب في فيلم "دكتور سليكون" قائلا "أبو
أمك" ويظل المعنى مبتذلا حتى وإن شرح قصده في باقي كلمات الأغنية مؤكداً أنه يقصد
جدها دون سوء نية كما جاء في كلمات الأغنية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل التجديد الشعري يأتي من اختيار كلمات خارجة عن السياق
بحجة أنها مستوحاة من ألفاظ الشباب في الشارع وهل يصلح كلام الشوارع لأن يكون أغاني
تتداولها الاجيال وتعلو بها الاصوات؟ مجرد سؤال.