يا زَمانَ الحُبِّ قَد وَلَّـى الشَّبـاب
وَتَوارى العُمـرُ كَالظـلِّ الضَّئيـل
وَامّحى الماضي كَسَطرٍ مِن كِتـاب
خَطَّهُ الوَهمُ عَلى الطّـرس البَليـل
وَغَـدَت أَيَّامُنـا قَيـد العـذاب
فِـي وُجـودٍ بِالمَسَـرّات بَخَيـل
فَالَّـذي نَعشَقُـهُ يَأسـاً قَضـى
وَالَّـذي نَطـلُـبُـه مَـلَّ وَراح
وَالَّذي حُزنـاهُ بِالأَمـسِ مَضـى
مِثلَ حُلـمٍ بَيـنَ لَيـلٍ وَصَبـاح
يا زَمانَ الحُبِّ هَـل يغنِـي الأَمَـل
بِخُلودِ النَّفسِ عَـن ذكـرِ العُهـود
هَل تَرَى يَمحو الكَرى رَسم القُبَـل
عَـن شِفـاهٍ مَلّهـا وَردُ الخُـدود
أَو يُـدانينـا وَيُنسينـا الـمَلَـل
سَكرَة الوَصلِ وَأَشـواق الصُّـدود
هَل يصمّ الـمَوتُ آذانـاً وَعَـت
أَنّـة الظُّلـمِ وَأَنغـام السّكـون
هَل يُغشّـي القَبـرُ أَجفانـاً رَأَت
خافيات القَبـر وَالسـرّ المَصُـون
كَم شَرِبنا مِن كُـؤوس سَطَعـت
فِي يَدِ السَّاقـي كَنـورِ القَبَـس
وَرَشَفنـا مِـن شِفـاهٍ جَمَعَـت
نَغمَـةَ اللّطـفِ بِثَـغـرٍ أَلعَـس
وَتَلَونـا الشّعـرَ حَتَّـى سَمِعـت
زهرُ الأَفـلاكِ صَـوتَ الأَنفُـس
تِـلكَ أَيَّـامٌ تَوَلّـت كَالزُّهـور
بِهُبوطِ الثَّلجِ مِـن صَـدرِ الشِّتـاء
فَالَّذي جادَت بِهِ أَيـدي الدُّهـور
سلَبَتـه خلسَـةً كَـفُّ الشّقـاء
لَـو عَـرَفنـا مـا تَرَكنـا لَيلَـةً
تَنقَضـي بَيـنَ نُـعـاسٍ وَرقـاد
لَـو عَرَفنـا مـا تَرَكنـا لَحظَـةً
تَنثَنِـي بَيـنَ خُـلـوٍّ وَسُـهـاد
لَـو عرَفنـا مـا تَرَكنـا بُرهَـةً
مِن زَمان الحُـبِّ تَمضـي بِالبعـاد
قَـد عَرَفنـا الآنَ لَكِـن بَعـدَمـا
هَتَف الوجـدان قُومـوا وَاِذهَبـوا
قَـد سَمِعنـا وَذَكَرنـا عِنـدَمـا
صَـرَخ القَبـرُ وَنـادى اقتَـرِبُـوا