العناد ظاهرة معروفة في سلوك بعض الأطفال، حيث يرفض الطفل ما يؤمر به أو يصر على
تصرف ما، و يتميز العناد بالإصرار وعدم التراجع حتى في حالة الإكراه، و هو نوع من
إضطرابات السلوك الشائعة، و قد يحدث لمدة و جيزة أو مرحلة عابرة أو يكون نمطاً
متواصلاً و صفة ثابتة و سلوكاً و شخصية للطفل.
كثيرا ما نري طفلا لا يتعدي عمره 27 شهرا ويتسم سلوكه بالعدوانية والعناد، يرفض
ما يطلبه الوالدان، يضرب اخوته، يقضم نفسه، يخربش وجهه، يحطم الأشياء، يصرخ إذا
مارفضنا تلبية مطالبه، كثيرا ما يبادر الآباء كذلك الي رد العنف بالعنف المضاد مما
يعقد الأمر تماما وربما يصل الأمر إلي تعقيدات نفسية بعيدة المدي تستمر مع الطفل
حتي سن متأخرة.
فما الطرق المثلي للتعامل مع الطفل العنيد، الشرس والمشاغب
؟
غالبا ما يعتبر الأطباء النفسيون أن الطفل يلجأ إلي التعبير بجسده
عما يعجز عن فعله بالأقوال.
ولكن لا بد أن يحاط الطفل ببعض القيود، من أجل البناء على النحو السليم، يجب أن
يكون الآباء أقوياء وعنيدون علي نفس القدر الذي عليه الطفل، إذا قال أحد الوالدين "
لا "علي أحد الأمور فهي "لا"، يجب أن يصروا علي موقفهم لأنه إذا ما تراخينا فستكون
بداية النهاية!
متى يبدأ العناد؟
العناد ظاهرة سلوكية تبدأ في مرحلة مبكرة
من العمر، فالطفل قبل سنتين من العمر لا تظهر عليه مؤشرات العناد في سلوكه، لأنه
يعتمد إعتماداً كلياً على الأم أو غيرها ممن يوفرون له حاجاته، فيكون موقفه متسماً
بالحياد والإتكالية و المرونة والإنقياد النسبي.
وللعناد مرحلة أولى
حينما يتمكن الطفل من المشي والكلام قبل
سن الثلاث سنوات من العمر أو بعد السنتين الأوليين، وذلك نتيجة لشعوره
بالإستقلالية، و نتيجة لنمو تصوراته الذهنية، فيرتبط العناد بما يجول في رأسه من
خيال ورغبات.
أما المرحلة الثانية
فهو العناد في مرحلة المراهقة، حيث
يأتي العناد تعبيراً عن الإنفصال عن الوالدين، ولكن عموماً وبمرور الوقت يكتشف
الطفل أو المراهق أن العناد والتحدي ليسا هما الطريق السوي لتحقيق مطالبه، فيتعلم
العادات الإجتماعية السوية في الأخذ والعطاء.
ويكتشف أن التعاون والتفاهم يفتحان آفاقاً جديدة في الخبرات والمهارات الجديدة،
خصوصاً إذا كان الأبوان يعاملان الطفل بشيء من المرونة والتفاهم وفتح باب الحوار
معه، مع وجود الحنان الحازم.
أسباب العناد
العناد صفة مستحبة في مواقفها الطبيعية" حينما
لا يكون مبالَغاً فيه" ومن شأنها تأكيد الثقة بالنفس لدى الأطفال، ومن أسبابها
:
1- أوامر الكبار
التي قد تكون في بعض الأحيان غير مناسبة
للواقع، و قد تؤدي إلى عواقب سلبية، مما يدفع الطفل إلى العناد ردَّ فعل للقمع
الأبوي الذي أرغمه على شيء، كأن تصر الأم على أن يرتدي الطفل معطفاً ثقيلاً يعرقل
حركته في أثناء اللعب.
وربما يسبب عدم فوزه في السباق مع أصدقائه، أو أن يكون لونه مخالفاً للون الزيِّ
المدرسي، وهذا قد يسبب له التأنيب في المدرسة، ولذلك يرفض لبسه، والأهل لم يدركوا
هذه الأبعاد.
2- التشبه بالكبار
قد يلجأ الطفل إلى التصميم والإصرار على
رأيه متشبهاً بأبيه أو أمه، عندما يصممان على أن يفعل الطفل شيئاً أو ينفذ أمراً
ما، دون إقناعه بسبب أو جدوى هذا الأمر المطلوب منه تنفيذه.
3- رغبة الطفل في تأكيد ذاته
وللعناد أشكال كثيرة
1- عناد التصميم و الإرادة
و هذا
العناد يجب أن يُشجَّع و يُدعَّم، لأنه نوع من التصميم، فقد نرى الطفل يُصر على
تكرارمحاولته، كأن يصر على محاولة إصلاح لعبة، و إذا فشل يصيح مصراً على تكرار
محاولته.
2- العناد المفتقد للوعي
يكون بتصميم الطفل على رغبته دون
النظر إلى العواقب المترتبة على هذا العناد، فهو عناد أرعن، كأن يصر الطفل على
إستكمال مشاهدة فيلم فى التليفزيون بالرغم من محاولة إقناع أمه له بالنوم، حتى
يتمكن من الإستيقاظ صب*ً للذهاب إلى المدرسة.
3- العناد مع النفس
نرى الطفل يحاول أن يعاند نفسه و
يعذبها، و يصبح في صراع داخلي مع نفسه، فقد يغتاظ الطفل من أمه، فيرفض الطعام وهو
جائع، برغم محاولات أمه و طلبها إليه تناول الطعام، وهو يظن بفعله هذا أنه يعذب
نفسه بالتَّضوُّر جوعاً.
يقدم نيكول فابر المحلل النفسي والمعالج النفسي للأطفال نصائحه
للوالدين في كتاب عملي ذو فائدة ملموسة : "هؤلاء الأطفال الذين يتحدوننا "، يقدم
فيه المشورة للوالدين لاكتشاف بعض ردود الفعل ذات المردود الجيد على ما يجب فعله
وعدم القيام به. ويعتبر نيكول فابر المحلل النفسي ومعالج نفسي للأطفال أن "الطفل
العنيد هو طفل ضعيف"
دور العائلة والتعليم:
سن 7 سنوات هو سن الإدراك كما نعتاد
ان نقول. ومن المعتاد أن تمر السنوات الأولي للطفل بينما نغفر له كل شيء أو
نكاد.
هل يتعين علينا أن نتخوف إذا كان لدينا طفل يصعب أن يعيش بصورة طبيعية
؟
يعتبر نيكول فابر أن هذه المقولة القديمة لاتصلح لوقتنا المعاصر.
فليس هناك سن محدد للتعقل لدي الطفل. من خلال وضع الأطفال مبكرا في أماكن الإعداد
مثل دور الحضانة، فهي تتطلب الانخراط في المجتمع مبكرا، وأن يكونوا أكثر إدراكا،
وانا لا أقول أن هذا أمرا جيدا أو سيئا.
وألاحظ أنه عندما يضطر هؤلاء الأطفال لقبول مبدأ الواقع في وقت مبكر، فإنهم
يعطون الانطباع بأنهم يتكيفون، ولكن البعض قد يميل إلى إظهار نرجسية قد لايتخلصون
منها في الوقت المناسب.
والطفل العنيد لديه انطباعا انه يعيش في وسط عالم صعب كما أنه يبحث عن إحكام
السيطرة والسلطة على العالم الذي يحيط به ويعتبره سيئا. إنه الطفل الهش أو
الضعيف.
الطفل العنيد أصبح هشاً لأن الآباء لم يطمئنوه بصورة صحيحة
؟
لا يجب البحث دائما عن أخطاء الآباء. إنه مزيج من الأسباب المختلفة،
ولا يمكن دائما تحديدها، وهذه الأسباب يمكن أن تتسبب في سوء يجري لهؤلاء
الأطفال.
وبالطبع، فإن هذه الزلات التعليمية والجمود في التعامل أو التسيب وعدم التوافق
في مزاج الأسرة في بعض الأحيان يمكن أن يكون سببا للسلوك "الغير معقول" للطفل.
كيف يمكن لطفل أن يشعرأنه غير محبوبا ؟
نظرا لأختلاف سلوك
الطفل كثيرا عن توقعات الآباء والأمهات، غالبا ما توجه إليه انتقدات حادة، وكثيرا
ما يعنف بشدة مما قد يؤدي إلى ردود فعل مضادة. وفجأة، فإنه يتصرف كعدو، يحطم
الأشياء، يدمر، يوسخ ملابسه، يصرخ، ويرفض كل شيء، مما يجعل الحياة اليومية في غاية
التعقيد.
في واقع الأمر، فإنه يعبر عن ألم يشعر به، ولكن العديد من الآباء يجدون صعوبة في
تحليل هذه الصورة.إذا كان هناك سوءا في فهم الأمور، فكل شيء يسوء. من الضروري إذا
أن يتمتع المعلم بالقوة والليونة، المرونة والصلابة في آن واحد.
وإذا ما فقد الآباء السيطرة أمام سلوكيات الطفل - بطريقة أو بأخرى - يشعر الطفل
بانتصاره أمام عجز الكبارالذي ينبغي برغم ذلك أن يظل متماسكا،.
هذا الأمر يزيد من انعدام الاحساس بالأمان.يجب ألا ننسى أبدا أنه في نفس الوقت
يعمل الطفل على تقويض السلطة التي تسيطر عليه، وهو يأسف لكون هذه السلطة توبخه علي
أخطاءه وتتهمه بالتقصير.وتكمن الصعوبة في أن يكون الأبوين حادين دون سرد المبادئ
التي تكمن وراء مواقفهما .
كيفية التعبيرعن القواعد دون أن يبدي الطفل اعتراضا ؟
يحدث
ذلك من خلال تعليمه مبكرا دوركل فرد في الأسرة وفي المجتمع. ومن ثم يجب أن يعرف أنه
لا يجب أن يتصرف مع والديه بالطريقة نفسها التي يتصرف بها مع الأصدقاء.
وأيضا، أن جميع الأسرلا تتبع القواعد ذاتها، ولكن ليس لأن بعض الأمور تحدث لدي
صديقه المفضل ( كقول كلمات سيئة، عدم ترتيب غرفته، الذهاب إلى السرير في وقت متأخر
بعد مشاهدة التلفزيون...) يجب علي الأسرة أن تقبلها أيضا.
هذه الأمورلا بد من تحديدها . لابد من أحترام الآباء، يجب أن يكون ذلك واضحا
للطفل. ولايجب التسامح مع ثمة لفتة عنيفة أو كلمة غير مهذبة موجهة إلي الأم أو
الأب. حتي ولولمرة واحدة. وإلا فإنه ستكون اليسطرة صعبة بشكل متزايد.
ابتداء من سن صغير، ينبغي أن نساعد طفلنا على الكلام بدلا من الصياح، أن يطلب
الأشياء بدلا من أخذها بالقوة، أن يشرح مشكلته شفهيا، وليس التعبير عنها علي شكل
ضربات. سوف يتفهم طفلك سريعا المنافع التي يمكنه الحصول عليها. وفي المقابل، لا بد
من وقف أي فعل معادي وإدراكه أنه لا يمكنه أن يفوزبشيء.
كيف تتفادين الوقوع في الابتزاز من جانب طفلك؟
عليك
هل يساعدنا الطفل العنيد على التعامل علي نحو أفضل ؟
نعم،
لأنه يؤدي إلى تعميق أدوارالآباء بوصفهم مربين، إلى التفكير في أنفسنا بالإضافة إلي
أن الطفل ذو الطباع المركبة يكون شديد الجاذبية.
ما يوصي بعمله:
• ضعي سبورة في متناول الطفل حيث يحق له أن
يكتب ما يشاء وأن يرسم كل ما يجول بخاطره .
• الاعتراف بأن لدينا حدودا. لا تترددي في طلب المساعدة من أحد المحيطين
...الجدة، الخال أو صديق... يمكن أن نعهد بالطفل لأحد الأقرباء، ونوضح للطفل : "أن
مناقشة بعض الأمور ستكون سيئة جدا بيننا. سيكون في صالحنا أن نتباعد قليلا. " يمكن
لأحد الوسطاء أن يأخذ بيد الطفل إلي الطريق القويم لأن الأرتباط العاطفي مع هذا
الوسيط أقل حدة من والديه.
• يمكن اللجوء إلي الفكاهة. يمكن الضحك معا علي موقف ما أو لفظ أو حركة ما ونظهر
له أننا قد فهمنا مقصده مع توجيه الإرشاد له والرعاية بحذر ...
• تحليل ما يمكن أن يحدث في الحياة يجعل الطفل في وضع غير مريح مثل حالات :
الطلاق، المشاكل المهنية، سفر الأب أو الأم ... في بعض الأحيان يهاجمنا الطفل
بطريقة رمزية ليخبرنا أننا نتسبب له في مشكلة ما .
يمكننا قراءة بعض القصص
التي بها حالات لأطفال غير أسوياء، على سبيل المثال. دون أن نقول له "هذا الطفل
مثلك، لكن مع التعليق علي الأحداث التي تبرزها القصة.
• يمكننك اللجوء إلي معالج نفسي إذا كان سلوك العنف متكرر ويبدو مرضيا .
ما لا يوصي بعمله:
• لا تشجعي رغبت الطفل في السيطرة عن
طريق سؤاله عن رأيه في القرارات الهامة التي تمسنا نحن، كإنجاب طفل على سبيل
المثال، اتخاذ القرار خاص بالوالدين فقط.
لكن يجب أيضاً أن تسمحى له بمساحة من الحرية لاتخاذ القرارات الخاصة به، أن يعلم
الطفل أنه يستطيع تكوين رأى وأنه قادر على اتخاذ قرارات خاصة به لأن ذلك يمثل
جانباً هاماً فى نمو شخصيته.