قامت مصر ولم تقعد فيما أطلق عليه التوريث فى السياسة وخرجت بعض
المنظمات الشعبية والمجتمع المدنى والجمعيات تندد بالتوريث وخرج بعض
المثقفين والمفكرين للتأكيد بأن مصر ستتراجع إذا أتمت التوريث.. ولكن ماذا
فى الرياضة.. لماذا لم يقم أحد أو حتى يهلل أو يصرخ؟.
عدوي التوريث يبدو أنها انتقلت من السياسة إلى الرياضة.. وكأنها شىء تتوارثه الأجيال ومتأصل فى جيناتنا..
النغمة الجديدة الآن فى المجتمع الرياضى هى التوريث.. بمعني لو أنت
رئيس نادٍ ولا قدر الله ربنا افتكرك أو مثلا غير قادر على خوض الانتخابات
لأى سبب يصبح السيد النجل الأكبر للسيد رئيس أو مسئول النادى هو الوريث
الشرعي لمقعد الإدارة..
أقول ذلك بمناسبة عدوى التوريث التى تفشت وسط انتخابات الأندية
الكروية والجماهيرية.. وفى هذا الشهر ألمح ثلاثة من أبناء المسئولين
الكبار أنهم سيطرقون أبواب الانتخابات فى أنديتهم.. فى شهر واحد عقد أحمد
نجل الراحل سيد متولى مؤتمراً صحفياً ببورسعيد معلناً خوضه الانتخابات
المقبلة للنادى المصرى على مقعد الرئيس ليستكمل رسالة والده.. أعلن أحمد
متولى ذلك وهو في سن السابعة والعشرين على ما أظن ولا أحجر على رغبته
كمواطن مصرى له كل الحقوق فى الترشيح بالنادى وأيضاً كعضو بالجمعية
العمومية ولكنى فقط أعترض على خبراته الضعيفة والتي مؤكد أنها لن تقدر على
مواجهة أعباء مثل هذا النادى الجماهيرى الذى اعتدنا أن تتفجر مشكلاته
أسبوعياً..
وفى الوقت نفسه تقريباً فإن أحمد نجل مرتضى منصور مرشح الرئاسة
بالزمالك شارك والده المؤتمر الصحفى الذى عٌقد مؤخراً بالفيللا الخاصة
بوالده معلناً هو الآخر خوض الانتخابات علي مقعد العضوية ومشدداً أنه
سيخوض الانتخابات وسواء خاضها والده أو ابتعد فإنه سيرشح نفسه بل ومن
الممكن أن ينضم لقائمة أخرى غير الوالد وهو بالطبع يبعث برسالة أنه سيخوض
الانتخابات لا محالة.
أما الطرح الثالث في عدوى التوريث فهو حسام نجل المندوه الحسينى
أمين صندوق الزمالك السابق، والذى ينوى هو الآخر خوض الانتخابات القادمة
لناديه علي مقعد العضوية وهو طبيب أسنان..
وهنا لا أقصد الحجر على رغبة هؤلاء فلهم كل الحقوق التي يكفلها لهم
القانون والدستور المصرى كأعضاء عاملين بالأندية.. ولكنى فقط لا يمكننى أن
أعتبر جواز مرورهم للمناصب الرياضية أنهم فقط أنجال السادة المسئولين
السابقين بالأندية..
وإذا كان لديهم قدرة حقيقية علي العمل التطوعى ولهم برامج إنتخابية
فعليهم إعلانها أولاً وأن يتركوا للأعضاء حرية التقييم وكان يجب أن يواكب
إعلانهم الترشيح إعلان برامجهم الانتخابية وهو ما لم يحدث..
أتصور أن الأندية الشعبية ليست حكراً علي شخوص بعينها أو عائلات
بعينها وإنما هى ملك لأعضائها فقط لا غير.. وبصراحة فإننى غير قادر على
استيعاب هذا التوريث فى المجتمع الرياضي وأخشى أن يتحول إلى موضة يسير
خلفها باقى المسئولين فى المستقبل.. بمعني أنه بعد مثلاً عشر سنوات يصبح
أحمد مرتضي منصور رئيساً للزمالك وتيمور حسن حمدى رئيساً للأهلى وأحمد نصر
أبوالحسن رئيساً للإسماعيلى وأحمد محمد مصيلحى رئيساً للاتحاد السكندرى
وأحمد حسن فريد رئيساً للترسانة والمصيبة أن يصبح أحمد سمير زاهر رئيساً
لاتحاد الكرة.. وبالطبع ليس كل أسماء الأنجال.. أحمد..!!
لن أخوض فى تقييم قضية التوريث فى المجتمع السياسى.. فالكثيرون
أدلوا بدلوهم فيها.. وربما تكون في السياسة جائزة أو مقبولة إذا كانت ستصب
فى صالح الوطن ولكن فى الوقت نفسه لا يعنى أبداً أن ما يجري فى السياسة
يمكن قبوله فى الرياضة لعدة أسباب أنه فى الرياضة لا توجد محاذير على
الترشح للمناصب بمعني أنه حق مكفول لكل مواطن يمتلك عضوية عاملة بالنادى،
ومن هنا لابد من تغيير الوجوه بصفة دائمة لتغيير طرق التفكير بما يواكب
التطور العصرى فى مفاهيم الإدارة الرياضية..
ورغم كل ما أقوله وأرفضه فى التوريث الرياضى فإن أنجال المسئولين من حقهم قانوناً الترشح ولعل منهم من يكتب نجاحه!
الموروث الثانى الذى تولد وهو يجرى فى دمائنا اسمه أهل الثقة..
وهم المجموعة التي تصاحب المسئول حين يتولى القيادة ليتحكموا فى كل شىء
حوله.. هم بشر لا يهمهم سوى إرضاء المسئول ولا يهم المسئول سواهم ظناً منه
أنه يدينون له ويدارون عليه ويعملون لأجله ولمصلحته.. وأنهم يقاتلون لأجل
أن يعيش هو..
والمسئول هنا بمرور الوقت تٌعصب عيناه.. فلا يرى سواهم ولا يعرف
غيرهم.. وإذا أخطأوا دافع عنهم وإذا زاد خطؤهم التمس العذر لهم.. وكثير من
سقطات هذا البلد سببها من أسموهم بأهل الثقة لأنهم يتحولون بمرور الوقت
إلى أهل الخراب وأهل الدمار..
أتحدث عن أهل الثقة لأنه كما يحدث فى السياسة حدث في منتخب مصر
لكرة القدم الذى يعيش حالياً مرحلة أهل الثقة وأخشى أن ذلك يتسبب فى هبوط
مستوى الفريق فيخرج من تصفيات المونديال وستكون كارثة..
حسن شحاتة المدير الفنى لمنتخب مصر وضع ثقته منذ أن تولى المسئولية
قبل أكثر من أربع سنوات فى مجموعة محدودة من اللاعبين ربما هم ستة أو سبعة
أو ثمانية. يشاركون ويلعبون لأنهم أهل الثقة.. وثقة شحاتة فيهم بلا حدود
ووصل الأمر لمعدل خطير جداً، فلم يعد شحاتة يري غيرهم ومن هنا أتحسس
الخطورة.. لأن من أسقطنا فى مباراة زامبيا هم أهل الثقة أو معظمهم من أهل
الثقة ومعروفون بالاسم..
وأهل الثقة حقيقة من أفضل اللاعبين فى مصر ولكن المشكلة أن مستواهم
فى هبوط خلال الفترة الحالية ولا يكافحون لحجز موقع أساسي لأنهم بكل صراحة
يضمنون اللعب والمشاركة فى التشكيلة الأساسية تحت أى وضع.. هم أهل الثقة
الذين رفعوا حسن شحاتة إلي السماء وأخشى أن يسقطوه هم أيضاً علي الأرض
ولذلك وجب التحذير..
يا كابتن حسن لا نريد أن نفقد الثقة فيك، لأنك أسعدت الملايين من
شعب مصر بسبب رفضك للمجاملة تحت أى وضع أو أى ضغوط.. وحلم الوطن المصري
بأكمله بين يديك.. وهي أمانة يجب معها أن تتخلى عن كل مشاعرك من أجل شعب
مصر الغلبان!!
رغم مشاعر الفشل التي نشعر بها مقدماً فيما يخص كأس العالم
للشباب الذى ستستضيفه مصر فى سبتمبر المقبل بسبب مآسى الملاعب وكآبة
صورتها وعفانة أرضها وسوء التنظيم فى المباريات التى تستضيفها والصراخ
الدائم من المسئولين عن تنظيم المونديال الشبابي، بإن الدولة تبخل فى
مصروفاتها علي البطولة.. رغم ذلك إلا أن الصحافة الرياضية لاتزال تهادن
هاني أبوريدة رئيس اللجنة المنظمة وتصبر عليه وتمنحه أكبر قدر من الوقت
لإثبات عكس ما نلمحه ونحسه من فشل قادم.
وحقيقة لا أعرف أى نجاح تاريخى متوقع فى التنظيم يتحدث عنه أبوريدة
فى الصحف وثقته فى أن مصر ستنظم أفضل مونديال شبابى فى العالم.. كيف يا
باشمهندس سيحدث ذلك ونحن نعانى صحفيين وجماهير فى كل مباراة نتابعها من
أرض الملعب ونشاهد بأنفسنا داخل الملعب فوضي لا مثيل لها.. حكم يُصفع من
إدارى.. ومراقب مباراة يُضرب بالشلوت من عضو مجلس إدارة.. وشتم وعراك
وتطاول وإشارات بالأصابع يعاقب عليها القانون.. وكلها أزمات لا تحرك
ساكناً باتحاد الكرة المصرى.. وإضافة لكل ذلك فإن منتخب الشباب المصرى
نفسه الذى سيشارك فى البطولة متواضع المستوى ونتائجه الودية والرسمية لا
توحى بأنه قادر على المنافسة.. ولكن يبدو أن أبوريدة كان يتحدث عن مونديال
شباب آخر غير ذلك الذى ستستضيفه مصر..
الصحافة الرياضية تجامل أبوريدة ولكن أبوريدة نفسه لا يجاملها، وقد
وجه صفعة قوية وحقيقية لرجال الصحافة حين رفض حضورممثلين لمعظمها قرعة
بطولة العالم التى أجريت مؤخراً بالأقصر.. أبوريدة فضّل صحفيى العالم عن
صحفيى مصر.. بدعوى أن المكان لا يستوعب سوى عدد قليل وبالطبع دائماً
الخواجة أبو برنيطة له الأولوية..