هيرتا قد يحتفل بذكرى سقوط جدار برلين بالفوز بالدوري الالماني

يقترب نادي هيرتا برلين من الفوز بدوري الدرجة الأولى الالماني لأول مرة منذ نحو 80 عاما في توقيت يبدو مثاليا مع احتفال العاصمة بمرور 20 عاما على سقوط جدار برلين.

ولم يحرز هيرتا صاحب الصدارة بفارق نقطة واحدة عن اقرب منافسيه قبل تسع مراحل من نهاية المسابقة لقب الدوري الالماني منذ 1931 اي قبل نحو 30 عاما من بناء جدار برلين.

ومنذ منتصف العشرينات وحتى اوائل ثلاثينات القرن الماضي كان هيرتا برلين هو اقوى ناد لكرة القدم في المانيا وبلغ نهائي الدوري الالماني ست مرات متتالية وفاز باللقب في 1930 و1931.

وفي ذلك الحين بدأ هيرتا برلين الذي تأسس في اواخر القرن التاسع عشر وسمي على اسم سفينة بخارية مرحلة تراجع مع ارتباط مصير البلاد والمدينة بالنازيين والحرب والحلفاء.

وكان صعود ادولف هتلر لحكم المانيا في 1933 معناه ان مسؤولين معينين من قبل النازيين سيديرون النادي.

وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية كانت الأمور أكثر سوءا بالنسبة لهيرتا اذ دمر استاد بلامبه الخاص به بواسطة القنابل وتم حل النادي من قبل الحلفاء.

واستغرق الأمر اربع سنوات من المحاولات بالاضافة الى عودة بعض اللاعبين من المانيا الشرقية تحت قيادة المدرب هيلموت شون الذي قاد المانيا الغربية بعد ذلك للفوز بكأس العالم 1974 من أجل اعادة هيرتا برلين الى الحياة مرة أخرى والاشتراك في المنافسات بهذا الاسم.

ومع بناء جدار برلين اضطر هيرتا للتخلي عن اللحاق بقطار كرة القدم السريع الذي كان ينطلق في الغرب. وقسمت المدينة بواسطة الجدار ووجد الجزء الغربي من برلين نفسه محصورا في المانيا الشرقية كما وجد الالاف من مشجعي هيرتا انفسهم بشكل مفاجيء في الجانب الخاطيء.

وكانت العزلة التي فرضت على هيرتا برلين غير مشجعة للاعبين على الانضمام للنادي لذلك قام المسؤولون في 1965 بدفع مبالغ غير شرعية لكن تم اكتشاف الأمر.

وقال مايكل يان الصحفي ومؤرخ نادي هيرتا برلين والذي قام بتأليف عدة كتب عن النادي في تصريحات لرويترز "كانت اندية اخرى تقوم بهذا الأمر ايضا.. لكن هيرتا كان النادي الذي تم ضبطه."

وتعرض النادي للطمة جديدة بعد ايقاف 15 من لاعبيه لتورطهم في فضيحة تلاعب بنتائج مباريات الدوري الالماني في 1971 وانتهى الأمر بهيرتا برلين الى قيامه ببيع استاد بلامبه الذي كان يحظى بحب من المشجعين ليدفع ديونا قدرها ستة ملايين مارك الماني جراء هذه الفضيحة.

وعلى الصعيد الرياضي جلب قدوم لاعب الوسط الموهوب اريتش بير بعض النجاح للفريق الذي انتقل للعب بالاستاد الاولمبي الذي اصبح ملعبه الجديد.

وتأهل هيرتا برلين لنهائي كأس المانيا مرتين كما بلغ الدور قبل النهائي في كأس الاتحاد الاوروبي لكنه سقط سريعا مرة أخرى الى الدرجات الأدنى في الدوري الالماني حتى انه هبط الى دوري المناطق في 1986 حيث خاض مبارياته امام الاف قليلة من المشجعين في الاستاد الاولمبي الضخم.

وقال يان "فقد هيرتا برلين جيلين من المشجعين. فقد النادي الجيل الأول عندما شيد الجدار وهو ما ترك نصف المشجعين في الجهة الأخرى والثانية عندما لعب طويلا في الدرجات الأدنى بالدوري الالماني."

واضاف يان "كان من الممكن سماع اصوات المشجعين وهم يتحدثون معا في الاستاد.. لقد كان استادا كبيرا وخاليا."

وبعد يومين من سقوط جدار برلين في نوفمبر 1989 كان هيرتا برلين يواجه فريق فاتنشايد عندما ذهب الى الاستاد نحو 11 الف مشجع من المانيا الشرقية من أجل مشاهدة فريقهم القديم لأول مرة منذ نحو 30 عاما.

ومع اتجاه البلاد للوحدة مرة أخرى تورط هيرتا برلين مجددا في مشاكل مالية في ظل مشاركته مرات قليلة في دوري الدرجة الأولى.

وتطلب الأمر عقدا اخر من الزمن ليبدأ هيرتا برلين مسيرة دون ان يعترضه اي شيء في دوري الدرجة الأولى كما شارك في احد المواسم في دوري ابطال اوروبا وهي اكبر بطولة للأندية في القارة.

ويعود الكثير من الفضل في تحول هيرتا برلين الى مديره ديتر هونيس وهو لاعب سابق في بايرن ميونيخ والذي تذوق طعم النجاح في كرة القدم في الغرب خلال فترة ما بعد الحرب.

وقال يان "كان تأثير هونيس هائلا.. لقد حول النادي وادخل الاحترافية. لقد وضع النادي على الطريق الصحيح."

ووضع النادي اسس مستقبل مالي ثابت محددا لنفسه اهدافا متواضعة لا يحيد عنها.

ومنذ تولي السويسري لوسين فافر تدريب الفريق في 2007 بدأ هيرتا برلين في التألق في الملعب ويجتذب بشكل منتظم نحو 70 الف مشجع في مبارياته.

وقال هونيس قبل عدة ايام "نحن من المرشحين الاقوياء للتأهل لدوري ابطال اوروبا وهذا ما قلناه منذ بداية الموسم."

واضاف "لا يوجد اي داع لتغيير هذه الاهداف. بوسع المشجعين ان يحلموا لكننا ايضا ننصحهم بعدم الانجراف وراء ذلك."

وفي الوقت الذي يرفض فيه فافر وهونيس اي حديث حول الفوز باللقب ومع تبقي مباريات الدوري فقط فليس امامهم سوى البدء في التفكير في امكانية الانتصار مثل اي مواطن برليني.

ومع استعداد المدينة للاحتفال بذكرى سقوط جدار برلين فمن الممكن ان يقدم هيرتا احتفالا كبيرا على طريقته الخاصة في 23 مايو ايار في ظل ترديد المشجعين للهتافات التقليدية للنادي في كافة ارجاء العاصمة للمرة الأولى منذ 80 عاما.