هي ليست مارلين مونرو، رغم خصرها النحيل وجسدها الأنثوي، لكن يمكن القول إنها
نسخة عصرية منها، أو هذا على الأقل ما تشير إليه مقاييس الممثلة كريستينا هندري*،
بطلة السلسلة التلفزيونية «ماد مِن»، أو (رجال مجانين) بمقاسها الذي يقدر بـ 10 أو
12 على أكثر تقدير.
وهذا وحده يجعلها لا تنتمي بتاتا إلى ذوات مقاس 8 الذي جرح كرامة كل امرأة لها
مقاييس عادية ، قبل أن يجرح أعيننا طوال السنوات الماضية.
ونظرا للتأثير الإيجابي الذي خلفه مظهر كريستينا لدى الرجال والنساء، على حد
سواء، بدأت النظرة إلى مقاس 8 وما فوق تتغير في كل من أوساط الموضة وفي هوليوود؛
مما أعاد للذاكرة مدى تأثير المسلسلات التلفزيونية على حياتنا.
فبعد مسلسل «دالاس» الذي أثر على موضة الثمانينات بالتايورات والكتافيات
الصارمة، ثم مسلسل «سي* أند دي سيتي» الذي أعطى أهمية كبيرة للمنتجات المترفة،
بدءا من أزياء «كريستيان لاكروا» إلى أحذية مانولو بلانيك، جاء الدور على «ماد مِن»
ليؤثر على أزياء الرجال والنساء على حد سواء.
فبالنسبة للرجال، أعاد موضة البذلة ومنديل الجيب، وبالنسبة للنساء، أعاد
الفساتين المستقيمة التي تعانق الجسم لتبرز نحول الخصر واستدارة الأوراك.
وهذا له دلالة واضحة، وهي الاحتفال بالمرأة التي تتمتع بمقاييس سخية، مقارنة
بالنحيلات اللواتي احتللن شاشات التلفزيون والسينما لسنوات.
والفضل في هذا يعود إلى البطلة جون هولواي، وتقوم بدورها الممثلة كريستينا
هندري*، التي لم تُعد فقط موضة الخصر النحيل أو الثقة للعديد من النساء، بل أيضا
الفستان المستقيم البسيط، بشتى الألوان والنقوش.
ونظرا للاستقبال الحار للامتلاء والتصميم على حد سواء، من قبل أوساط الموضة،
سواء المجلات البراقة أو المصممين، فقد بدأت حتى نجمات كن بالأمس القريب يتبنين
النحافة الانور*ية، عملية تكديس بعض الكيلوجرامات للحصول على مظهرهن الأنثوي
الجذاب، ونذكر منهن النجمة إيفا لونغوريا، التي أعلنت بفخر أن وزنها زاد بنسبة 5
كيلوجرامات.
البطلة جون هولواي، كما وصفها البعض، تبدو في هذه الفساتين كما لو أنها صُبت
فيها صبا لتتشكل في هذا القالب الرائع.
ولأن أحداث الفيلم تقع في الستينات، وهي الفترة التي سجلت بداية ثقافة «المظهر
أولا، ثم الجوهر ثانيا»، بمعنى أن المرأة التي تهتم بشكلها ومظهرها كان لها حظ وفير
في تحقيق إنجازات مهمة في مجالات العمل.
يضاف إلى هذا اكتسابها بعض الحريات الأخرى، فإن البعض ربطها بالوضع الراهن، على
أساس أن التاريخ يعيد نفسه، ولو بشكل آخر. ففي ظل الظروف الحالية، التي أصبحت فيها
المرأة، مثل الرجل، مهددة بخسارة عملها، أصبح لزاما عليها أن تستعمل كل الأسلحة
للحفاظ عليه، حتى وإن تطلب ذلك زيادة الاهتمام بالمظهر، واللعب على الشكل
الحسن.
ولحسن الحظ أن المصممين طرحوا لنا هذا الموسم كل ما يلبي هذه الحاجة، من خلال
الفستان ذي القصة المستقيمة، الذي يختزل كلاسيكية وجدية التايور العملي وأناقة
الفستان الأنثوي، باحتفاله بالخصر النحيل، بدءا من المصمم النحات، رولان موريه،
الذي أخذ على عاتقه إعادة صياغة تصميمـات الخمسينات.
مع إضافة تقنيات الأوريغامي هنا وهناك، أو فيكتوريا بيكهام، التي كانت من أشد
المعجبات بهذا المصمم؛ وظهرت في عدة فساتين من تصميمها، قبل أن تصمم مجموعة تحمل
توقيعها، وأثارت الاستغراب لأنها فعلا كانت موفقة، من جهة، ولأنها جاءت تخاطب
مثيلات جون هولواين ولا تتوافق مع مقاييس فيكتوريا النحيفة، من جهة ثانية.
وإذا كان لا يزال ينتابك بعض الشك في مدى أناقة هذا التصميم، فما عليك إلا أن
تحتذي بسيدة البيت الأبيض الأولى، ميشيل أوباما، التي جعلته قطعة أساسية في
خزانتها، وجزءا من أناقتها اليومية.
وقبلها تبنته جاكلين كينيدي / أوناسيس، التي ربما يكون لها الفضل الأول في رفع
رصيده في الستينات، ولا يزال مظهرها فيه أيقونيا.
فالزمن أكد أن هذا التصميم ليس كلاسيكيا فحسب، بل في غاية العملية، ويناسب كل
الأحجام والفصول، بالإضافة إلى إمكانية استعماله بعدة أساليب. ميشيل أوباما مثلا،
تلبسه أحيانا وحده، وأحيانا مع كنزة قصيرة، كما تغير ألوانه حسب مزاجها
والمناسبات.
أما السر في إتقانه وتجديده، فيكمن في الإ*سوارات، ففي النهار مثلا يمكن
ارتداؤه مع إيشارب أو عقد طويل، كما يمكن إضافة حزام عليه، وفي المساء يمكن
استعماله مع مجوهرات بأحجار كريمة براقة وحقيبة يد مرصعة بالكريستال، أو حتى
بالمجوهرات، مثل هذه الحقيبة من «كارتييه».