الفارق بين "الماجستير" و"الدكتوراة" أن الأولى شهادة لصاحبها بالقدرة على الرصد
والتحليل لظاهرة من الظواهر فى علم من العلوم، والثانية تشهد له بالقدرة على
الاستنباط والتفكير والابتكار وإضافة الجديد فى المجال الذي يتخصص فيه.
وقليل جداً من الباحثين والمؤلفين من لديهم القدرة على تلك الإضافة وذلك
الإبداع.
ومن هؤلاء الموسيقار والكاتب الصحفى محمد قابيل صاحب كتاب "أساليب التلحين فى
الغناء العربى" والذى اختار له أيضاً عنواناً صحفياً كنوع من الجذب والتشويق للقارئ
وهو "
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الحلوة والأغانى المرة".
الجهد الذهنى والتحليل المبذول فى هذا الكتاب يؤهله للحصول "على الأقل" على
جائزة الدولة التشجيعية، لأنه يقدم إضافة جديدة للمكتبة الموسيقية العربية، ويبتكر
تصنيفاً جديداً لمدارس وأساليب التلحين فى الغناء العربى لم يسبقه إليه أى باحث أو
مؤلف موسيقى، ويربط بين مدارس التلحين والمدارس المعروفة فى الأدب والمسرح والفن
التشكيلى، وخصوصاً الكلاسيكية والرومانسية والواقعية التعبيرية.
ولذلك فهذا الكتاب يعتمد فى مراجعه التى استند إليها على كتابات نقاد أدب
ومؤلفين مسرحيين وفلاسفة ومؤرخين، بالإضافة إلى تحليله الشخصى لأهم إبداعات كبار
الملحنين من السنباطى وعبد الوهاب والقصبجى، وحتى الموجى وبليغ حمدى والطويل ومنير
مراد وحلمى بكر، وكل من أمسك عوداً ولحن أغنية أو موشحا أو طقطوقة أو أوبرا أو
أوبريتا أو مسرحية غنائية.
ويقدم الكتاب شرحاً مبسطاً للفروق بين كل هذه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بدون تعقيد أو تبسيط مخل، ويناقش كثيراً من
المفاهيم المغلوطة حول هذه القوالب اللحنية ويصححها ويلملم ما سقط من الذاكرة منها،
ويحرص بعد كل فصل يشرح من خلاله أسلوباً من أساليب التلحين أن يتناول أغنية شهيرة
استخدم فيها الملحن هذا الأسلوب ويتناولها بالتشريح الموسيقى، ثم يلحق الفصل
بالنوتة الموسيقية الخاصة بها حتى تكتمل الفائدة.
والجميل فى هذا الكتاب أن مؤلفه يستفيد فيه من خبرته فى الكتابة الصحفية وأسلوبه
السلس فى تقديم المعلومات الموسيقية المتخصصة بطريقة شديدة الوضوح والبساطة، وعينه
على القارئ العادى الذى يريد له أن يزيد من ثقافته الموسيقية، ويفهم كيف كانت
الكلمة دائماً هى الأساس فى أي أغنية ناجحة، وكيف كان الملحنون العظام يهتمون
بالتعبير عن روح الكلمة ومعناها ويترجمون هذه المعانى إلى موسيقى، وكيف كانت الكلمة
هي التى تفرض على الملحن الأسلوب الذى يستخدمه فى تلحينها.