بينما كانت الأصوات تتعالى في مقهى إيه رأيك في منطقة وسط البلد بالقاهرة، ما بين
طالب لمشروبه المفضل، وآخر يسأل عن الطاولة لكي يلاعب صديقه الجالس أمامه، وفيما
كان صبي المقهى منشغلا بتجهيز طلبات الزبائن، فجأة خفّ الضجيج، والتفت الجميع إلى
شاشة التلفاز ليتابعوا إعلان مسابقة كرومبو، الذي أصبح منافسا قويا لمباريات كرة
القدم، أكبر البرامج التي تحظى بمساحة جذب للمشاهدين.
السكون الذي ساد المقهى بشكل فجائي، سرعان ما انفرط عقده مع نهاية الإعلان،
وتحول إلى منظومة سردية على حبل الدردشة والمزاح..
فها هو أحد الزبائن يصرخ معلنا أنه حل المسابقة، في نشوة شدت انتباه الجميع.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وللحظات بدت مقاعد المقهى، وكأنها استبدلت بزبائنها سحس بومب، حمبوزو لاوي بوزو،
حامد مفيش فكة، عزيزة اللذيذة، وكلها شخصيات تظهر في المسابقات الإعلانية التي تقدم
حاليا على الفضائيات العربية، وحققت شهرة واسعة إلى جانب بطلها المفتش كرومبو.
ولمن لا يعرف فإن شخصية كرومبو، شخصية كارتونية ابتكرها هيثم حمدي وهو صاحب شركة
إنتاج، واستطاعت أن تحقق نج* ونجومية على مستوى العالم العربي وينتظرها الملايين
للإجابة عن أسئلة المسابقة التي تعتمد على الكوميديا، وحقق الأداء الصوتي للمفتش
كرومبو شعبيته الكبيرة، وبالطبع انتقل هذا النجاح إلى صفحات الإنترنت، بخاصة على
الفيس بوك حيث أنشأ جمهوره مجموعات كثيرة وجروبات وصفحات خاصة.
كرومبو الذي ترجع أصوله اللغوية إلى نبات الكرنب اللذيذ، عبارة عن مخبر سري
مهمته التحقيق في القضايا والمشكلات التي يقع فيها أصدقاؤه و معارفه ويضع لائحة من
المتهمين ويترك الإجابة للمشاهدين.
لكن أكاديميين يرون أن نجاح كرومبو جاء لسعي البسطاء لتحقيق ربح سريع في ظل
الأزمة المالية العالمية ودون مجهود، وأن القائمين عليه قدموا منتجا جذابا يستغل
أحلام البسطاء.
يقول هيثم حمدي: لم أكن أتصور كل هذا النجاح، كنا نعتقد أن الأمر لن يتجاوز شهر
رمضان والعيد، لكن ما حدث أن النجاح الحقيقي جاء بعد رمضان بعد انقضاء الزحمة
الدرامية المعهودة، ووجدنا إعجاب الكثيرين بالحلقات.
ويشير حمدي إلى أن حلمه الأساسي كان في أن تخرج الحلقات في شكل مسلسل تلفزيوني
يجذب الصغار والكبار كما كانت الفوازير وفطوطة تفعل بنا جميعا، لكن حالت الظروف
الإنتاجية دون تنفيذه.
ويقول: 30 حلقة من مسلسل ستحتاج إلى جهد سنة كاملة من أجل أن يعرض في رمضان وبما
يليق بدراما رمضان، فتعثرت الفكرة قليلا إلى أن شاهدها أحد أصدقائي واقترح علي أن
أقدمها لشركة مسابقات، وقُبلت الفكرة وبدأنا التنفيذ.
لا يخفي حمدي تأثره في الأساس بمسلسل المفتش كولومبو الأميركي الذي كان يعرض في
سبعينات وثمانينات القرن الماضي، لكنه مع ذلك قدم كرومبو مع بعض التوابل المصرية،
مستفيدا من انتشار اللهجة المصرية في الأقطار العربية.
يقول حمدي: الموضوع في الأساس يعبر عن القاهرة وما بها من شخصيات مختلفة أثرت
علي، ومعظم الشخصيات التي جاءت لها وجود في الواقع، لكن يتم تضخيم أفعال تلك
الشخصيات في إطار درامي وكوميدي.
ويرى أن سبب نجاح كرومبو هو غوصه في الواقع المصري وتقديمه نماذج موجودة في
الشارع نراها كلنا.
ويقول: ستشاهد بائع البطاطا، وخروف العيد ومراجيحه، وهي كلها أمور يتميز بها
المجتمع المصري والعربي، وعندما يراها المشاهد أمامه في عمل إبداعي، بالطبع ستجذبه
وهو ما حدث، فشخصيات المسابقة ستجدها إلى جوارك دائما.
ويشير حمدي إلى أن الحلقات تتطور بمرور الوقت وكل هذا يخدم الهدف الأساسي وهو
إنتاج المسلسل، فما يحدث الآن هو إعداد شخصيات لكي تمثل إلى جوار كرومبو، وتسنده في
عمله ويجب أن يعرف الناس تلك الشخصيات واتجاهاتها وصفات كل واحد منها، وعندما يحين
الوقت لعمل المسلسل يكون المشاهدون تعرفوا إلى الشخصيات.
ويؤكد حمدي أن مسلسل كرومبو سيرى النور خلال رمضان القادم، ولذلك فإن المسابقات
ستختفي تدريجيا، مع مرور الوقت حتى يتشوق الجمهور للمسلسل، مشيرا إلى أنه قد يتحول
إلى عمل سينمائي سيكون الأول من نوعه في العالم العربي.
ولا يقتصر إنتاج كرومبو على هيثم حمدي فقط، رغم أنه المؤلف والمنتج والمخرج، فإن
هناك فريقا كبيرا يقف إلى جواره، والطريف أن من يؤدي الأصوات الموجودة في الحلقات
هو شخص واحد هو ماجد صبري، وهو يعمل أيضا في مجال الإعلانات، والأداء الصوتي.
يقول صبري إنه تعامل أكثر من مرة مع هيثم حمدي لذلك كان الأمر سهلا، فكلاهما
يفهم الآخر، وساعده في ذلك الأمر مهندس الصوت أحمد صالح.
أما عن صعوبات المهمة فهي صعبة للغاية، وبحسب صبري، فالأمر ليس مجرد إلقاء كلمات
وإنما أداء شخصية لها ملامحها وطباعها، ويجب أن يكون متقنا للغاية حتى يقتنع
الجمهور وإلا سينصرفون ولن تجد من يتابعك.
ويعبر عن سعادته بالعمل، مشيرا إلى أن نجاح كرومبو أعاد إلى الأذهان شخصية فطوطة
والفوازير في رمضان وكيف أن الأسرة كلها كانت تتابعها.
لكن نجاح كرومبو الكبير، تراه الدكتورة إيناس أبو يوسف أستاذة الإعلام يأتي في
ظل الإحباط الذي يعاني منه الناس، فهم يسعون إلى الربح السريع ومواجهة متطلبات
الحياة في ظل الأزمة المالية العالمية.